قال المصنف : لما أن اختص الله بأمور من جملتها العرش والكرسي والله واللوح والقلم والملائكة والأنبياء عليهم السلام ودليل ذلك أنه لم يرد في الأخبار أنه من عمل صالحاً أعطيناه كذا وكذا ملكاً من الملائكة بل اختصوا به سبحانه وتعالى وكذلك الأنبياء مختصون به – فصار حكمهم حكمه سبحانه وتعالى ، ولم يرد أن الله تعالى يعطي العرش لأحد ولا الكرسي ولا اللوح ولا القلم. وإذا كان ذلك كذلك دل على أنهم إذا أبصروا في المنام جعلناهم أعمال الرائي مما هو فيه من الحال ، وما يصير إليه أمره من خير الدارين. إلا أنهم في غالب الأحوال ليسوا ذلك المرئي حقيقة بل ضرب الله تعالى مثلاً بذلك من الخير والشر ، ولذلك إذا رأى أحد أنه صار واحداً منهم ما نقول له تصير واحداً منهم بل نعطيه من المناصب على قدر ما يليق به ، فإن كان في صفات حسنة نقول له أنت متولٍ فيك خير على قدر ذلك الحسن ، وإن كان في صفات ردية حذره من ذلك وقل له : ارجع عن كيت وكيت. وإذا عرفت ذلك. مثاله أن يقول رأيت أنني على العرش أو الكرسي وقد أتلفت بعضه برجلي ، تقول له : تخون كبيرك ، فربما يكون بوطىء حرام ؛ لأن الرجل محل الوطىء ، وإن أتلفه بيده فتكون الخيانة بالأخذ أو بالضرب أو بمن دلت عليه اليد ، وإن أتلفه بفمه كان بكلام أو بما يدل اللسان عليه ، وكذلك سائر الأعضاء . وإن كان ذلك في اللوح أو القلم ربما كانت في كتبه ، أو علماء يهتدي بهم ، أو كتَّابه ، أو الأمناء الحافظين لأسرار من دل الباري عز وجل عليه من الكبراء ، ونحو ذلك. فافهم وقس عليه إن شاء الله تعالى. وقد أنكر قوم رؤية الباري عز وجل في المنام وقال إنما هي وساوس وأخلاط لا حكم لذلك. وهذا الإمكان ليس بصحيح لأنا جعلنا ذلك أعمالاً للرائي ، ولا نكابر الرائي فيما يراه وغلب على ظنه ذلك ، بل نقول ربك عز وجل الحاكم عليك فننظر فيمن يحكم فنعطيه من الخير والشر على قدر ما يليق به من شهود الرؤيا ، وكذلك نقول إنه حق سبحانه ، فإن كان في صفات حسنة كنت على حق. وإن كان في صفات ردية ، فأنت على باطل. ونحو ذلك.
فصل : وتعتبر الملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، بما يليق بهم. فمن صار جبريل ، أو جاء إليه ، أو صار في صفته : دل على مجيء رسول من عند من دل الباري عز وجل عليه. كرسول من سلطان ، أو حاكم ، أو عالم ، أو ولد ، ونحو ذلك. فإن كان في صفة حسنة : فرسول بخير ، وإلا فلا. وإن صاحبه : صاحب إنساناً كذلك. وإن صار في صفته : ربما ترسّل لمن دل الباري عليه.
فصل : وتعتبر الملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، بما يليق بهم. فمن صار جبريل ، أو جاء إليه ، أو صار في صفته : دل على مجيء رسول من عند من دل الباري عز وجل عليه. كرسول من سلطان ، أو حاكم ، أو عالم ، أو ولد ، ونحو ذلك. فإن كان في صفة حسنة : فرسول بخير ، وإلا فلا. وإن صاحبه : صاحب إنساناً كذلك. وإن صار في صفته : ربما ترسّل لمن دل الباري عليه.