التصنيفات
تفسير الاحلام للامام المقدسي الحنبلي

انواع الرؤيا الاربعة

أنواع الرؤيا أربعة :
أحدها : المحمودة ظاهراً ، وباطناً. كالذي يرى أنه يكلم الباري عز وجل – أو أحد الملائكة ، أو الأنبياء عليهم السلام – في صفة حسنة ، أو بكلام طيب . وكمن يرى أنه يجمع جواهر ، أو مآكل طيبة. أو يرى كأنه في أماكن العبادة مطيعاً لربه عز وجل. ونحو ذلك .
قال المصنف : لما أن كانت الرؤيا لا يعرف جيدها من رديها إلا الخبير بهذا الشأن ، فبينت للمعلم أن لا يلتفت على ما اعتقدته النفس خيراً لفرحها به حين الرؤيا. ولا أن ذلك ردياً لكونها فزعت منه. بل يعتمد على الذي ينبغي في أصول هذا العلم على ما بيناه إن شاء الله تعالى ( ).
النوع الثاني : محمودة ظاهرًا ، مذمومة باطناً. كسماع الملاهي ، أو شم الأزهار. فإن ذلك همومًا وأنكادًا. أو كمن يرى أنه يتولى منصباً عالياً – لا يليق به – فهو رديء.

قال المصنف : لما كان سماع الملاهي غالباً لذهاب الهموم – وشم الأزهار فيه إلا أنه عقيبه – كان ذلك ردياً. وأيضاً : من كون ذلك يحتاج إلى نفقات وكلف – ولا ثمرة لذلك يرجعون إليه في مقابلة ما أنفقوا – كان غرامة بلا فائدة ؛ فأعطى النكد. وأيضاً : فإن الأزهار غالباً تطلب لأصحاب الأمراض ؛ فأعطى النكد وأيضاً. لأن كل ما هو مرصد لشيء ، كان إعلاماً بوجود ذلك . وربما دلوا على الفرج .
النوع الثالث : المذمومة ظاهراً ، وباطناً . كمن يرى حية لدغته ، أو ناراً أحرقته ، أو سيلاً غرقه ، أو تهدمت داره ، أو تكسرت أشجاره. فإن ذلك ردئ ، ظاهراً ، وباطناً ؛ لدلالته على الهم ، والنكد.
النوع الرابع : المذمومة ظاهراً ، المحمودة باطناً. كمن يرى أنه ينكح أمه ، أو يذبح ولده : فإنه يدل على الوفاء بالنذر ، والحج إلى أكبر أماكن العبادة ، وعلى أنه ينفع أمه ، أو يزوج ولده ، وعلى مواصلة الأهل والأقارب ، وعلى رد الأمانات( ).
قال المصنف : لما أن كان الوطء مواصلة ولذة بعد مودة ومؤانسة غالباً أعطى ما ذكرناه من الإحسان إلى من ذكرنا في موضعه. وكونه وطئاً محرماً بكل وجه أعطى – وطأه في البلد الحرام عليه ، ومشيه إليه – العزيز عنده كالكعبة عند الإسلام ، والقدس عند اليهود والنصارى ، وبيت النيران عند من يعتقده ، ونحو ذلك ، فافهم وقس عليه. وإنما دل ذبح الولد على ما ذكرنا قياساً على قصة الخليل عليه السلام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *